بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات…

    اسلام عبد المجيد عيد

    يعد مشروع الربط الكهربائي أحد أبرز مجالات التعاون فى إطار مشروع الشام الجديد، الذى وقع عليه قادة الدول الثلاث (مصر والعراق والأردن)، من أجل تبادل الطاقة الكهربائية من مصر بالتحديد ونقلها للأردن ثم العراق، وربط شبكات نقل الغاز بين مصر والعراق عبر الأردن، حيث أن الأطراف الثلاثة هم ضمن مجموعة الربط الكهربائي الثماني والذي يضم كل من الأردن ومصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا، بالإضافة إلى تركيا، فيما تتطلع لبنان لإستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر ثم الأردن مرورا بالأراضي السورية، وذلك لمواجهة أزمة الكهرباء التى تمر بها لبنان، فى الوقت نفسه ستحاول أن تستفيد سوريا من هذا الأمر من الناحية الإقتصادية واللوجيستية من أجل حل أزمة النقص الشديد فى الموارد ومنها الطاقة الكهربائية.

    سلام عبد المجيد عيد
    اسلام عبد المجيد عيد

    تطورات إيجابية بخصوص مشروع الربط الكهربائي

    فى ظل تسارع وتيرة العمل على مشروع الشام الجديد، والرغبة الواضحة من الأطراف الثلاثة للمضى قدما نحو مرحلة التنفيذ الفعلي للإتفاقيات المعقودة مسبقا، تم الإتفاق بين مصر والأردن على رفع القدرة الكهربائية بين البلدين من 500 ميغاواط حاليًا إلى 1000 ميغاواط، لتمكين البلدين من تبادل الطاقة مع دول الإقليم، وفقا لما صدر عن التصريح الصحفي المشترك لوزير الطاقة الأردني “صالح الخرابشة”، ووزير الكهرباء المصري “محمد شاكر”، عقب اجتماع بحثا خلاله خطط التوسع بالربط الكهربائي بين البلدين.

    فيما أكد الخرابشة: أنه ستتم خلال شهرين إحالة عطاءات تنفيذ الربط الكهربائي الأردني مع العراق، ويشير ما ذكره وزير الطاقة الأردني إلى الرغبة الواضحة فى زيادة كمية الطاقة الكهربائية المصدرة للأردن، حتى تتمكن الأردن من عقد صفقات هامة بينها وبين دول الجوار لنقل الغاز والكهرباء من مصر لدول الجوار كالعراق ولبنان والإستفادة كذلك من دعم الولايات المتحدة التى ترعى عملية نقل الكهرباء للبنان بالإضافة للبنك الدولي.

    ومن الجدير بالذكر أن، التبادل بين الأردن ومصر فى مجال الطاقة الكهربائية منذ 1999، وترتبط الشبكة الكهربائية الأردنية بالشبكة الكهربائية المصرية بكابل بحري جهد 400 كيلو فولت، يمتد عبر خليج العقبة بطول 13 كيلومتر وقدرة 550 ميغاواط

    ماذا وراء نقل الغاز المصري للبنان؟

     فى شهر آب/ أغسطس الماضي، كانت الرئاسة اللبنانية قد أعلنت عن أن الولايات المتحدة الأميركية وافقت على مساعدة لبنان على توفير الكهرباء عبر تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولا إلى شمال لبنان، وذلك فى دلالة واضحة على موافقة الولايات المتحدة إستثناء لبنان من العقوبات التى تفرض على الدول التى تجرى أى تعاملات تجارية وإقتصادية مع سوريا بموجب قانون قيصر، فى ظل ما يعانيه البلد من كبوات إقتصادية شديدة.

    لكن تبقى العقبة الأبرز أمام إتمام هذه العملية، هى الإستجابة الفعلية للبنك الدولي من أجل تأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز، بالإضافة لإحتياج سوريا لفترة زمنية قد يطول أمدها من أجل تجهيز بنيتها التحتية وشبكاتها الكهربائية التى تعطل بعضها بسبب الحرب المستمرة فى البلاد منذ عام 2011 وذلك حتى تتمكن من نقله للبنان.

    ولعل سوريا تبدو المستفيد الأكبر من هذه العملية، التى ستوفر لها ثلاث فرص غاية فى الأهمية خاصة فى ظل الأوضاع الصعبة التى تعاني منها منذ 10 سنوات، أولها : قد تحصل سوريا ضمن عملية استجرار الغاز على جزء فى مقابل عبوره للبنان وهو ما تريده الحكومة السورية لإستخدامه فى توليد الكهرباء لأن سوريا تعاني نقصا حادا فى الطاقة الكهربائية.

    ثانيا: باستطاعة سوريا أن تفرض ضرائب توفر لها عائدا ماديا فى مقابل عملية العبور التى من المفترض أن يتكفل بتكاليفها البنك الدولي وهذا ما اقترحه الأردن بدلا من حصول سوريا على جزء من الغاز الذى سيعبر للبنان.

    ثالثا: ستفتح هذه العملية طريقا لخروج سوريا من حالة العزلة التى فرضت عليها من المجتمع الدولي، حيث أن مشروع الشام الجديد نفسه تعد سوريا عنصرا تكميليا هاما فيه وإذا تم استثناء سوريا منه سيعد ناقصا، كما أن هذا الملف سيدعم تطوير العلاقات بين الأردن وسوريا بالإضافة لمصر، وستبدأ الأردن فى عملية نقل صادراتها والإنفتاح على السوق السورية، وبذلك ستحقق سوريا مكاسب إقتصادية وسياسية فى آن واحد جراء هذا المشروع

    العراق رابح متوقع

    لاشك أن العراق عنصر أساسي وحيوي فى مشروع الشام الجديد، فالمشروع فى حد ذاته كان يعتمد فى الأساس على الموارد النفطية العراقية، وبما أن مصر لديها مخزون كافي من الطاقة الكهربائية فبالتالي يجب أن يستفيد منها العراق عن طريق استجرارها من الأردن.

    وحسبما ذكر وزير الإتصالات العراقي “أركان شهاب الشيباني” بأن مشروع الربط الكهربائي مع الأردن ومصر سينتهي في غضون الأربعة أشهر المقبلة، وتخطط مصر لربط العراق بشكل كبير بمنظومتها الكهربائية فمصر تمتلك فائضا من الكهرباء المولدة يتخطى ال35ألف ميغاواط.

    ومن المرجح كما ذكر وزير الكهرباء المصري “محمد شاكر” فى يونيو/حزيران من العام الحالي: أن الخطة المصرية لعمليات نقل الكهرباء إلى العراق ستبدأ مع نهاية عام 2024 على مراحل عدة بشكل تدريجي، وستكون المرحلة الأولى ممثلة بنقل نحو 150 ميغاواط بعد زيادة السعة الكهربائية في الخطوط الأردنية، والمرحلة الثانية ستبدأ مع تدشين خط آخر لنقل الكهرباء من عمان إلى بغداد بطول 300 كيلومتر ومقرر الانتهاء منه مع نهاية العام الحالي على أن يحول نحو 700 ميغاواط بشكل مبدئي في العام الأول من التشغيل، قد ترتفع إلى 1000 ميغاواط في العامين التاليين.

     ويبحث العراق عن مورد للكهرباء ليكون بديل فعلي لإيران التى أعلنت عن خفض كميات الغاز المصدرة للعراق بنسبة 40%، بسبب عدم تسديد بغداد للديون المستحقة، وهو ما خلق أزمة كبيرة فى العراق الذى فقد ما يقرب من 6آلاف ميغاواط  بسبب توقف 6 محطات كهربائية عن العمل، ويعاني العراق منذ سنوات من أزمة فى الكهرباء والتى تتزايد حدتها فى فصل الصيف، ويرجو العراق أن تكون الكهرباء المصرية هى الحل الأمثل لهذه الأزمة

    بالمحصلة، تبدو النية واضحة لدى جميع الأطراف من أجل نجاح عملية استجرار الكهرباء والغاز من مصر، والتى من المنتظر أن تكون الأردن هى نقطة الوصل ما بين مصر والعراق ولبنان وحتى سوريا، كما أن الإدارة الأمريكية لا تبدو معترضة على هذا المشروع بل أنها قد تكون العقل المدبر، فرغم اتصال هذا المشروع بشكل واضح بنظام الأسد الذى تعارضه، إلا أنه سيكون أحد استراتيجياتها لإبعاد دول المنطقة نسبيا عن إيران خصوصا فى العراق ولبنان الذى يتواجد بهما عدد كبير من الميليشيات الموالية لطهران، ومن المحتمل أن يكون مشروع الربط الكهربائي البداية الأمثل لإتفاقية الشام الجديد، لكن يبقى السؤال الأكبر هو مدى جدية جميع الأطراف فى تنفيذ المشروع على أرض الواقع فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة العربية

    إسلام عبد المجيد عيد أكاديمي وباحث سياسي ومختص بشئون الشرق الأوسط

    اتفاق مصري أردني لرفع قدرة الربط الكهربائي بينهما.. ما الجديد؟

    اتفاق بين مصر والأردن لرفع الربط الكهربائي لـ 1000 ميجاوات

    الولايات المتحدة توافق على وصول الغاز المصري للبنان عبر الأردن وسوريا

    مشروع الربط الكهربائي بين مصر والأردن والعراق قد ينطلق خلال 4 أشهر

    ما هي تكلفة الربط الكهربائي بين مصر والأردن والعراق؟

    شاركها.