بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات…

    بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    Andrew-K.P.Leung_يزعم مقال مجلة ذا إيكونميست (The Economist) بتاريخ 5 مايو 2022 أن شي جين بينغ يرسم صورة للعالم ذات جذور صينية روسية.

    يشير المقال المشوب بالجدالات المهدئة للأذن الغربية إلى أن نظرة بكين للعالم تخدم مصلحتها الخاصة في المقام الأول ولا ترغب في تقديم الدعم لتحالف غربي تقوده الولايات المتحدة لمعاقبة، نبذ، شل، ما لم يكن الإطاحة كليًا بروسيا بقيادة بوتين.

    وبغض النظر عن الكتابة الجيدة للمقال فإنه يبرز النقاط التالية:

    (أ) من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر، فبعد كل شيء، تعمل جميع الدول وفقاً لما يخدم مصالحها الخاصة، وليست الولايات المتحدة أقل من يفعل ذك. فالحرب في أوكرانيا يُنظر إليها وكأنها هبة من السماء لإعادة إحياء القيادة الأمريكية والاتحاد الأوروبي/ الناتو. والتي سوف يضعف موقفها إن لم تستطع زعزعة استقرار روسيا بقيادة بوتين. وبالمثل، فإنها تمثل فرصة مناسبة لتوريط بكين، والتي كما يشير المقال لا تزال الخصم الرئيسي للولايات المتحدة. وإذا سارت الأمور وفقًا لما هو مخطط فإن انهيار روسيا سيعمل على زيادة تمكين الولايات المتحدة من الانتصار على الصين.

    (ب) امتناع بكين للآن عن المشاركة بأي نشاط للوساطة في قضية أوكرانيا. وستنظر الولايات المتحدة إلى أي نزاهة تقوم بها الصين على أنها موالاة لروسيا. إن اتباع كتاب الترانيم الأمريكي سوف يتجاهل المخاوف الأمنية لروسيا ولن يكون في مصلحة الصين.

    (ج) يبدو أن النظام الليبرالي الحالي بقيادة الولايات المتحدة على وشك الانهيار. حيث لم يتمكن من أن يمنع الحرب على أوكرانيا من الحدوث لأن الولايات المتحدة ليست مستعدة للانخراط بشكل مباشر. إن النظام الليبرالي مليء بالنفاق والمعايير المزدوجة التي تخدم المصالح الأمريكية. مثال علي ذلك خليج جوانتانامو، المعاملة غير الليبرالية للمهاجرين الأمريكيين، الاحتضان الانتقائي للأنظمة الاستبدادية العربية، والإكراه العشوائي ضد التنمية المشروعة للبلدان الأخرى.

    (د) تحمس الولايات المتحدة لفصل العالم إلى معسكرين مما يعزز الصراع المستمر لقرون بين الديمقراطية والسلطوية. وعلى الرغم من العقوبات الصارمة والقيود الأخرى، فوفقًا لما قاله وانغ هوياو -مؤسس ورئيس مركز الصين والعولمة (CCG) في بكين- في عام 2021: “سجلت التجارة العالمية رقماً قياسياً بلغ 28.5 تريليون دولار بزيادة سنوية تبلغ 25٪ وهو أعلى بنسبة 13٪ مقارنة بعام 2019 قبل اندلاع جائحة كورونا. ورغم كل الحديث عن الانفصال، فقد نمت التجارة بين الولايات المتحدة والصين بمعدل أكبر بنسبة 20٪ من العام الماضي لتصل إلى 687.2 مليار دولار. حتى مع الحرب في أوكرانيا، من المتوقع أن تنمو التجارة العالمية في عام 2022 وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ. كما تجاوز الاستثمارات خارج البلاد مستويات ما قبل الوباء العام الماضي حيث نمت إلى 1.65 تريليون دولار. أصبحت الصين بالأخص أكثر اندماجًا في الاقتصاد العالمي من أي وقت مضى. في عام 2021 ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي الوافدة بمقدار الثلث إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 334 مليار دولار. وفي الربع الأول من هذا العام، نما الاستثمار بنسبة تزيد عن 25٪عن العام السابق. يقول وانغ ساخرًا: “العولمة لم تمت بعد، إنها فقط لم تعد أمريكية.” اضغط هنا.

    (هـ) لماذا يجب على عالم ذو تاريخ متنوع، عروق مختلفة، ثقافات، أيديولوجيات، سياسات، مراحل تطور، وحضارات قديمة، أن تملي عليه الولايات المتحدة وتحدد ما يناسبه؟ فبعد كل شيء، يمثل الغرب فقط 8٪ من سكان العالم. يمثل العالم النامي الآن 57٪ من الناتج العالمي GDP. 123 دولة تتعامل مع الصين كأكبر شريك تجاري مقارنة بـ 57 دولة للولايات المتحدة. ناهيك عن شرعية الأنظمة المختلفة في نظر شعوبها. وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن مركز Ash بمدرسة هارفارد كينيدي ونتائج Edelman Trust Barometer فإن أكثر من 90٪ من الصينيين يثقون في حكومة الحزب الشيوعي الصيني وهي تصنيفات تفوق جميع الدول الغربية تقريبًا بما في ذلك الولايات المتحدة. اضغط هنا.

    (و) لماذا يجب أن تعد فكرة الرئيس شي عن نظام أمني عالمي جديد فكرة جيدة، إن لم تكن أفضل، للعالم؟ ما الخطأ في دعوته إلى نظام أمني مشترك، شامل، تعاوني ومستدام يتجنب التحالفات والتكتلات الخلافية؟ ألن يؤدي ذلك على الأقل إلى تقليل الصراعات العالمية المتصاعدة؟

    (ز) لماذا ينبغي وصف (ج)، (د)، (هـ)، (و) المذكورة فيما سبق أن لها “جذور روسية”؟

    بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    (الآراء الموضحة في هذا المقال هي وجهة نظر المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر World Geostrategic Insights).

    شاركها.