بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات…

    تحالف القوى الجديد: كيفية منع حدوث كارثة وتعزيز الاستقرار في عالم متعدد الأقطاب

    بقلم أندريو كاي بي. ليونغ ( خبير استراتيجي مستقل ودولي للصين, رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندريو ليونغ للاستشارات الدولية والاستثمارات المحدودة)

    Andrew-K.P.Leung_مع تضاؤل بل مرور السلام الأمريكي, العالم ينقسم بشكل متزايد بين الخوف والإنكار في محاولة لتفادي ما لا يمكن الفرار منه. الصين الأقوى والأكثر حزماً وثقة بالنفس ترى أن وقتها قد حان لعودتها للمستقبل حيث سيطرت الهند والصين – أقدم حضارتين شرقيتين – لآلاف السنين قبل القرن السابع عشر.

    وسط حقبة انتقالية من عدم اليقين, يجب إثناء مقال ريتشارد هاس وتشارلز كوبتشان الرائد تحالف القوى الجديد الصادر في الثالث والعشرون من هذه السنة لبصيرته في السياسة الخارجية. هاس هو رئيس مجلس العلاقات الخارجية وكوبتشان بروفسور في العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون وزميل أول في مجلس العلاقات الخارجية. كلاهما من الشخصيات البارزة في الشؤون العالمية والعلاقات الدولية.

    تنبع هذه الفكرة من التحالف الأوروبي  ,إجماع رخو بين القوة العظمى في أوروبا في القرن التاسع عشر للحفاظ على توازن القوى عن طريق التزام متبادل بدعم المستوطنات الإقليمية في مؤتمر فيينا عام 1815. سمح الإجماع بالتعاون والنزاع وحتى المناورة في سبيل القوة والنفوذ. بعد الحروب النابليونية استطاع التحالف الحفاظ على سلام واستقرار نسبي في أوروبا لمدة مئة عام حتى الحرب العالمية الأولى عام 1914.

    بعيدة كل البعد من أن تكون مجرد نظريات, هناك العديد من الاعتبارات العملية في نظرية العلاقات الخارجية:

    “تحالف عالمي سيتكون من 6 أعضاء: الصين, الإتحاد الأوروبي, الهند, اليابان, روسيا, الولايات المتحدة الأمريكية“. 

    “تحالف عالمي سيكون هيئة استشارية ليس هيئة لاتخاذ القرارات. سيعالج التحالف الأزمات الصاعدة ومع ذلك سيضمن أن المشاكل الطارئة لن تغمر المشاكل المهمة وسيناقش إصلاحات القواعد والمؤسسات القائمة. عجلة القيادة هذه – (التحالف العالمي) – ستقود العالم لتشكيل قواعد جديدة وتكوين دعم للمبادرات الجماعية ولكن ستترك المسائل التشغيلية مثل: نشر قوات حفظ السلام وتوصيل إعانات للوباء وإبرام صفقات مناخية جديدة للأمم المتحدة والأجسام الأخرى مثلها”.

    سيرسل الأعضاء ممثلين دائمين من أعلى رتبة دبلوماسية لمقر التحالف العالمي. على الرغم من أنهم لن يكونوا أعضاء دائمين للتحالف فإن أربع منظمات إقليمية وهم: الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ورابطة أمم جنوب شرق آسيا (أسيان) ومنظمة الدول الأمريكية سيحافظون على وفود دائمة في مقر التحالف

    تحالف عالمي سيتجنب القواعد المقننة وسيعتمد بدلاً على الحوار لبناء الإجماع. مثل التحالف الأوروبي قبله, التحالف العالمي سيميّز الوضع الإقليمي الراهن وسيمنح نظرة للسيادة تستبعد ما عدا في حالة الإجماع العالمي استخدام القوة العسكرية أو أي أدوات قسرية أخرى لتغيير أي حدود أو إطاحة أنظمة“.

    وفي نفس الوقت سيوفر التحالف المكان المناسب لمناقشة تأثير العولمة على السيادة الدولية والاحتمالية الضرورية لمنع الحصانة السيادية للدول التي تشارك في أنشطة فظيعة. قد تتضمن هذه الأنشطة ارتكاب القتل الجماعي أو إيواء ورعاية الإرهابيين أو مفاقمة أزمة التغير المناخي بتدمير الغابات المطرية.”(خطة اليابان الأخيرة بإلقاء المياه المشعّة في المحيط قد تناسب هذه الفئة.)

    سيحتفظ الأعضاء بحق اتخاذ قرارات من جانب واحد, بوحدهم أو من خلال الائتلاف عندما يعتبروا أن مصالحهم الهامة على محك. الحوار الاستراتيجي المباشر سيجعل الحركات المفاجئة أقل شيوعاً, وبشكل مناسب أكثر سيجعل القرارات الأحادية أقل تكراراً.”

    على الرغم من أن الأعضاء يصادقون على نظام عالمي تحكمه القواعد في المبدئ, لكنهم سيتبنون توقعات واقعية أيضاً حول حدود التعاون وتجزئة فروقاتهم .”

    تحالف عالمي سيعطي أعضاءه مجال واسع في أمور الحكم المحلي. سيتفقوا على الاختلاف في أسئلة الديمقراطية والحقوق الديمقراطية, مما يضمن أن هذه الفروق لا تقف في مجال التعاون الدولي…. لكن التحالف سيعمل نحو تفاهم مشترك لما يشكل تدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية لدول أخرى ولذلك يجب تجنبها.”

    النظام العالمي سيُبدي مميزات القطبية الثنائية وتعدد الأقطاب لمرة واحدة. سيكون هناك منافسَين أقران الولايات المتحدة الأمريكية والصين. على عكس الحرب الباردة, المنافسة الأيدولوجية والجغرافية السياسية بينهم لن تغمر العالم. على العكس تماماً, الإتحاد الأوروبي والهند بالإضافة الى دول أخرى ضخمة مثل البرازيل وأندونيسيا ونيجيريا وتركيا وجنوب أفريقيا سيلعبون دور القوتان العظمتان وسيسعون لحفظ درجة بارزة من الاستقلال.”

    “…. القرن الواحد والعشرين سيكون متنوع سياسياً وأيدولوجياً. اعتماداً على سرعة شعبية الثورات في الغرب, من الممكن للديمقراطيات الليبرالية أن تحافظ على ثباتها واستقرارها. لكن الأنظمة الغير ليبرالية ستفعل ذلك أيضاً. موسكو وبيجين يحكمون قبضتهم على دولتهم ولا ينفتحوا للعالم. من الصعب إيجاد الديمقراطية الثابتة في الشرق الأوسط وأفريقيا.  الديمقراطية في تراجع بالفعل وليست تتقدم على نطاق عالمي نزعة قد تستمر. النظام العالمي التالي يجب أن يتيح المجال للتنوع الأيدولوجي.”

    السلام الأمريكي يتلاشى …. غياب قيادة أمريكية أثناء وباء كوفيد-19 كان ملفت للنظر؛ كل دولة اعتمدت على نفسها. الرئيس بايدن يقود الولايات المتحدة حالياً لتكون لاعب جماعي, ولكن احتياجات الدولة الداخلية الملحّة وبداية تعدد الأقطاب سيمنع واشنطن من التمتع بالتأثير الخارجي الذي اعتادت عليه.”

    السماح للعالم بالتوجه نحو الكتل الإقليمية أو بنية مكونة من كتلتين مشابهة للحرب الباردة أمر غير ناجح. الولايات المتحدة الأمريكية والصين وبقية العالم لا يمكنهم الانفصال بشكل تام بينما الاقتصادات الوطنية والأسواق المالية وسلاسل التوريد كلها مرتبطة معاً. مجموعة ذات قوة كبيرة هي أفضل خيار لإدارة عالم مندمج, والهيمنة لا تسيطر عليه. “تحالف عالمي ملائم.”

    تيري سو,  رئيس دار نشر عبر الإنترنت ومركز أبحاث جغرافي سياسي ومقرها هونغ كونغ, افتتح منشوره الصباحي في صحيفة جنوب الصين بدعم فكرة التحالف, بشرط إزالة الهند واليابان من قائمة الأعضاء المقترحين. أوافقه الرأي.

    ففي نهاية المطاف, الفكرة هي آلية مُقترحة للقوة العظمى, محددة في الجاذبية العالمية وليس الإقليمية, وليس من حجم الاقتصاد (وإلا فإن روسيا ستكون بالكاد مؤهلة). ولكن الأهم من ذلك, ترى الصين وروسيا الهند واليابان كحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية, التي قد يشكل انضمامها الرسمي اضطراب للتوازن المرجو. على أيّةِ حال, سيكونوا مشاركين كأعضاء مهمين في الأمم المتحدة ومنظمات دولية ومنصات أخرى مثل G7 أو G20.

    بعد كل هذا, ما زال العالم في فترة انتقالية. كل شيء في تغير مستمر. فكرة التحالف لا تزال تحتاج الى الوقت للنضوج والنمو, حتى في ظل غياب سيل من التيارات الخفية المزعزعة للاستقرار وسط احتدام التنافس بين القوى العظمى.

    الناشر: أندريو كاي بي. ليونغ (خبير إستراتيجي دولي ومستقل للصين و رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندريو ليونغ للاستشارات الدولية والاستثمارات المحدودة)

    (الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر World Geostrategic Insights).

    المصور: فريدريك جاي. براون

    شاركها.