بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات…

    بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    Andrew-K.P.Leung_يفترض المقال المذكور في مجلة الفورين أفيرز (Foreign Affairs) العدد الخاص بيوليو/ أغسطس 2022 أن تايوان لا تمتلك أي خيارات جيدة نظراً لثرواتها الإستراتيجية التي لا تقدر بثمن لكل من الصين والولايات المتحدة.

    فإلى جانب الأجندة السياسية للتوحيد، تمثل تايوان المفتاح الذي سيمكن الصين من كسر استراتيجية سلسلة الجزر الأمريكية التي تطوق البر الرئيسي للصين بأصول عسكرية من أوكيناوا (سلسلة الجزر الأولى) وغوام (سلسلة الجزر الثانية). امتلاك تايوان سيمكن الصين من توسيع أصولها العسكرية والتي تشمل الغواصات والميكروفونات تحت المائية إلى بحر الفلبين الذي يمثل المسطح المائي الرئيسي بين سلسلتي الجزر وصولاً لليابان.

    ويشمل المقال فكرة أن واشنطن لا تمتلك خيارات جيدة فيما يخص تايوان بينما ستسفر اغلب خياراتها السيئة على نتائج كارثية.

    فإلى جانب إمداد الجزيرة بأسلحة دفاعية بموجب قانون العلاقات التايواني الحالي فإن إنهاء “الغموض الاستراتيجي” للالتزام الرسمي بعمل عسكري أمريكي مباشر للدفاع عن الجزيرة يمكن أن يثير الأزمة ذاتها التي تستهدف هذه الاستراتيجية في الأساس لمنعها مما سيؤدي إلى تأجيج المنافسة المحتدمة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين.

    من المرجح أن يؤدي البديل المتمثل في الدفاع الإقليمي للحلفاء المدفوعين من الولايات المتحدة إلى اتفاقيات دفاع أكثر صرامة، مساعدات عسكرية إضافية، انتشار أكثر وضوحًا للقوات الأمريكية في المنطقة بما في ذلك القوات النووية على أراضي الحلفاء أو بالقرب منها، وربما يشمل أيضاً التعاون في التخطيط النووي. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حدوث توتر في المنطقة إن لم يسفر عن انتشار نووي.

    ويعتبر التراجع عن الالتزامات العسكرية تجاه تايوان مشكلة أكبر. فإذا تعرضت تايوان للتهديد العسكري فقد تندفع اليابان للدفاع عن تايوان -بسبب خوفها من تأثير الدومينو- ان لم تقم الولايات المتحدة بذلك. قد تكون النتيجة في النهاية هي حرب بين القوى العظمى في آسيا والتي يمكن أن تجذب الولايات المتحدة شاءت أم أبت.

    تسلط المقالة ذات النهاية المفتوحة الضوء تجاه الاعتبارات التالية.

    إن توحيد تايوان ليس مجرد رغبة من بكين بل هي الرغبة السائدة لجميع الصينيين في البر الرئيسي والعديد من الصينيين في الضواحي فهو جزء لا يتجزأ من حلم الصين بالنهضة الوطنية والتطهر من الشيطان المتمثل في “قرن من الإذلال” بسبب الانفصالية الإقليمية تحت الهيمنة الأجنبية. ولا يستبعد استخدام الوسائل العسكرية للتوحيد رغم تشديد الرئيس شي جين بينغ مرارًا وتكرارًا على أن التوحيد السلمي سيظل الهدف الأساسي للصين قبل حلول عام 2049 -الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية- كأقصى تقدير.

    على الجانب الآخر لا تلقي فكرة التوحيد ترحيباً كبيراً في تايوان. ففي استطلاع أغسطس 2021 قام ما يقرب من ال 90 ٪ من الشعب التايواني بتعريف أنفسهم على أنهم تايوانيون. وأيد ما يقرب من ال 50.1٪ الحفاظ على “الوضع الراهن”، بينما يؤيد 38.9٪ فكرة الاستقلال وفقط 4.7٪ يؤيدون الانضمام إلى الصين. ومن بين أولئك الذين يؤيدون الحفاظ على الوضع الراهن المليون أو نحو ذلك من التايوانيين الذين يعملون ويعيشون في البر الرئيسي لإتمام أعمالهم. وبينما يمر الوقت تتراجع إمكانية الحل بشكل سملي أكثر فأكثر.

    لطالما قامت واشنطن باستخدام ورقة تايوان لمواجهة الصين. وعلى الرغم من المناداة بسياسة الصين الواحدة فإن أمريكا تدرب الجيش التايواني داخل الجزيرة وخارجها وتزودها بالأسلحة الأكثر تقدمًا محولة الجزيرة إلى “حاملة طائرات غير قابلة للغرق”. كما أرسلت أمريكا المزيد من كبار المسؤولين للقاء السلطات التايوانية وتعزيز دور تايوان في المنظمات الدولية وكأن تايوان دولة مستقلة. وبالإضافة إلى ذلك تستمر دوريات “عملية حرية الملاحة” البحرية الأمريكية في تحدي مطالب الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي بينما تقترب رحلات المراقبة التابعة للقوات الجوية الأمريكية من شواطئ الصين. كل هذه التكتيكات تعتبرها بكين إجراءات استفزازية للغاية.

    لا يعتمد الجيش الصيني بشكل كامل على مضيق تايوان. حيث أن صواريخه البالستية المضادة للسفن (ASBM) من طراز DF-21 قادرة تمامًا على منع وصول حاملات الطائرات الأمريكية إلى أرض المعركة. كما تمتلك الصواريخ الباليستية العابر للقارات والمسلحة برؤوس نووية متعددة و3-6 مركبات قابلة للإعادة مدى واسع يصل إلى 15000 كم قادر كلياً على الوصول إلى أجزاء كثيرة على أرض الولايات المتحدة.

    فإذا لم تتجرأ الولايات المتحدة على توجيه ضربة مباشرة فيما يخص روسيا وأوكرانيا، فما الذي يجعلها تفعل ذلك فيما يخص تايوان مع خصم أقوى بكثير من الناحية الاقتصادية من روسيا (والتي يساوي ناتجها المحلي الإجمالي فقط الناتج المحلي الإجمالي لمقاطعة قوانغدونغ الصينية) ويعتمد عليه العالم بشكل كبير (تمتلك الصين كأكبر شريك تجاري ما يقرب ال130 دولة مقابل 57 للولايات المتحدة)  ناهيك عن استعداد الصين عسكريًا فلا شك أن حرب أوكرانيا ستكون بمثابة مثال تحذيري بينما من المعروف عن بكين أنها تدرس بهدوء وتتعلم الدروس بطريقة أو بأخرى.

     أفاد رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي أمام مجلس الشيوخ في 17 يونيو 2021 أن الصين لا تمتلك القدرة الكاملة على الانتصار على تايوان حتى عام 2027 وأن احتمالات قيامها بأي مغامرة ضئيل جداً. ومع ذلك فوفقًا لتقرير مركز بيلفر لجامعة هارفارد كينيدي الصادر في 16 ديسمبر 2021 فقد انتهى عصر التفوق العسكري الأمريكي في كل مجال للنزاع؛ الجوي، الأرضي، البحري، الفضاء، والفضاء الإلكتروني. فإذا كانت هناك “حرب محدودة” في المستقبل القريب على تايوان أو على طول محيط الصين فمن المحتمل أن تخسر الولايات المتحدة أو يتعين عليها الاختيار بين الخسارة وتصعيد الأمر إلى حرب أوسع. وقبل كل شيء، قد تكون بكين قادرة على فرض أمر واقع بسرعة البرق قبل أن تتمكن واشنطن من القيام باستجابة فعالة وكافية.

    وبينما تتواجد القليل من فرص الخطر الواضحة والقائمة إلا أن توقعاتي تشير إلى أن بعد عام 2027 ستكون هناك فرص تزيد عن 50٪ للقيام بالتوحيد بالقوة. وباستثناء الظروف غير الملائمة، فمن المرجح أن يزيد كل عام من الأعوام القادمة الاحتمالات بما يقرب 5٪ أو أكثر قبل الموعد النهائي المعلن لبكين وهو 2049.

    وعلي الرغم من غياب أي خيارات جيدة فإن الولايات المتحدة لاتزال تخاطر بما يمكن تشبيهه بالسير أثناء النوم إلى منحدر يلوح في الأفق. لقد حان الوقت للرئيس بايدن أن يرتقي إلى المستوى المطلوب من خلال نزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة. يبدو أن التوسط في توحيد سلمي نهائي مع ضمانات دولية مضمونة للحفاظ على أسلوب حياة الشعب التايواني هو الحل. ومع ذلك قد يعني هذا خسارة الولايات المتحدة جزيرة تمثل قاعدة عسكرية تحقق لها التوازن ضد الصين. لذلك يجب وضع أي حل في سياق علاقات الولايات المتحدة طويلة الأمد مع خصمها اللدود.

    وبصرف النظر عن الرغبة في الحصول على مكانتها المستحق، ليس لدى الصين القدرة ولا النية لحكم العالم أو تحمل المسؤوليات أو الالتزامات المرتبطة به. فبسبب تدهور صورة الصين العالمية فإن القليل من الدول تريد تبني نظامها السياسي أو أيديولوجيتها. لذلك من المناسب استكشاف احتمالات إقامة علاقة أكثر استدامة بين الولايات المتحدة والصين تشمل خارطة طريق مقبولة للطرفين بشأن قضية تايوان. ولا شك في أن هذه الاعتبارات ستؤخذ في محادثة هاتفية مستقبلية بين بايدن وشي قيل إنها قيد التخطيط من قبل البيت الأبيض.

    بقلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    (الآراء الموضحة في هذا المقال هي وجهة نظر المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر World Geostrategic Insights).

    حقوق ملكية الصور محفوظة لمجلة رويترز (Reuters).

    شاركها.